الأرشيف الشهري: يوليو 2015

قهوتي

السّابع من تمّوز عام ٢٠١٥

أعشق رائحة القهوة. 

بدأت أطحن قهوتي بنفسي وبدأت أحضرها في إبريق إيطاليّ.

فالقهوة مزاج، لا بل طقسٌ من طقوس النهار. 

طقسٌ يستلزم التحضير. 

له بدايةٌ، جوهرٌ ونهاية…

وكل قسم مهمّ، معاً كثالوثٍ أقدس في طقسٍ مقدس. 

فطحن البنّ يبدأ بالإغراء.

ملمس الحبات ورائحةٌ تدغدغ الأحاسيس. 

تمتّع نظرتك بشكل الحبة عندما تدخل المطحنة، وشكل المسحوق السحري عندما يغادرها. 

ذلك المسحوق العجيب الذي يأسرك من الداخل بعبق القهوة المنبعث في الهواء. 

آخذ نفساً عميقاً ليمتلئ صدري بالرائحة الزكية. وأضع القهوة المطحونة في الإبريق. 

تشتعل النار تحت الإبريق وفي ضلوعي، وتبدأ المعزوفة.

يبدأ العزف أسفل الإبريق كما على أوتار قلبي. 

تتسابق جزيئات الماء المغلي متبخرة إلى أنفي حاملة معها روح القهوة هدية لروحي لتعلمني باقتراب الموعد. 

أضع الفنجان والإبريق على الصينية وأجوب أنحاء البيت مبخراً ككاهن يحرق البخور على جمر مبخرته. 

أترك القهوة لترتاح وأرتاح أنا في جلستي. 

آخذ نفساً عميقاً آخر. وأصب قهوتي مستمتعاً بمعزوفةٍ من تأليفها تكركر في الفنجان. 

أراها، أسمعها وأشتمّ رائحتها ويبدأ قلبي بالخفقان. 

أمسك الفنجان بيدي وأقول لنفسي،

كم هي عظيمةٌ هذه اللحظة. نشوةٌ للروح.  

أشتم رائحة القهوة في الفنجان وأسبح الرّب. 

أحتار ما بين وداع الرائحة واستقبال الطعم. 

أدرك الفرق بين الرائحة الزكية والطعم المرّ. 

هنا تشتبك المشاعر وتتداخل الأحاسيس. 

لساني يقول تذوق وأنفي يقول تنفس عميقاً… 

بعمق سواد الليل…

ينتهي الطقس مع انتهائي من الرشفة الأخيرة..

وتبدأ حينها الذكريات.